طباعة كتاب في المغرب اليوم أصبحت مرتفعة الثمن، ومكلفة جدا… وعندما تسأل أصحاب المطابع عن هذا الارتفاع الخطير في الأثمان، يقولون لك إن الأوراق التي يشترونها مرتفعة الثمن. وهكذا لم تعد الخضروات والمحروقات والأشياء والمواد الأخرى وحدها هي المرتفعة الثمن، بل الأوراق كذلك. والأوراق بيضاء وصفراء، ولكل ورق ثمنه.
نعرف منذ زمن بعيد أن طباعة الكتاب تمر بمراحل عديدة: هناك المؤلف الذي يدخل بدوره في هذه العملية، إذ يعتقد البعض أن المؤلف ينحصر دوره في وضع كتابه لدى الناشر، ثم ينصرف لحال سبيله، ليس الأمر كذلك، إنه يتتبع كتابه منذ اللحظة الأولى التي يدخل إلى المطبعة، ثم بعد ذلك يأتي التصحيح وغيرها من الأمور التي يعرفها من يتوخى طباعة كتابه. هناك ناشر يتكلف بكل شيء، ولكن دور المؤلف ماثل في هذه العملية، لن أتحدث هاهنا عن المؤلف الذي يطبع الكتاب على نفقته، ذلك موضوع آخر، إلا أنه لابد له من أن يسجل الجهة التي دعمته، ولكن هذه حالات لاتجد من ينشر لها، ثم، إنه لا يكون راضيا عن تسجيل إسم المطبعة، لأن وجود إسم مطبعة في كتاب ما، ليس كافيا، فلابد من إسم الناشر أو دار النشر مكتوبة، مما يضفي قيمة على الكتاب. إن دور المؤلف هام في هذه العملية، وكذلك دور الناشر أو دار النشر، وأيضا المطبعة- حسب الاختيار- وفي هذا المنحى، يدخل الكتاب في الدورة الميركانتيلية، إذ أن الناشر أو دار النشر يهتمان بالجانب التجاري، الذي هو الربح، فالناشر إذ ينشر الكتاب يفكر في عملية الربح، وهذا طبيعي ومشروع، ولكن هذا الربح لن يأتي إلا عند شراء الكتاب، وهذا الكتاب لابد له من موزع، أي شركة توزيع، لأن كتابا بلا توزيع يسقط. ومع ذلك، فإن الكتاب حتى وإن لم يحقق ربحا كثيرا، فإنه لابد له من التوزيع مصحوبا بالدعاية له، وهذا موضوع يتعلق بترويج الكتاب إعلانيا وإعلاميا، وهو أمر يحتاج إلى مقال خاص ودراسة أو بحث.
لنعد، والحالة هذه، على سبيل الختم، إلى قضية ثمن الأوراق المرتفعة. يتبادر إلى الذهن الآن أسئلة ملحة: ماهو دور وزارة الشباب والثقافة والتواصل في هذه القضية، وهي لديها لجنة لدعم الكتاب، وهي المسؤولة عن المعرض الدولي للكتاب، كما هي التي تدعم معارضه في الجهات؟… ماهي علاقتها بالمطابع، وماهي المطابع ودور النشر التي تدعمها؟… ثم نأتي لسؤال جوهري: ماهو دور الدولة في هذه العملية الثقافية والميركانتيلية في قضية الأسعار وارتفاع أثمان أوراق طباعة الكتاب؟…
إن هذه القضية- الإشكالية تستوجب تدخلا عاجلا من الدولة، وبالتالي، من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بما أنه يقول إن الثقافة تدخل ضمن اهتماماته، الذي ينبغي له أن يفكر في سبل تعمل على تخفيض سعر الأوراق تشجيعا لطباعة الكتاب في المغرب، وإلا، فإن الوضع سيكون كارثيا على الجميع.