“الجزء الأول” :
عبر تاريخها ووصولا إلى عهد الحماية الإسبانية، كانت تطوان مركزا سياسيا وقطبا اقتصاديا مهما. وبصفتها عاصمة للمنطقة الخليفية، ومركزا للقرار السياسي والاقتصادي. استفادت المدينة من بنية تحتية وصناعية جعلتها من ضمن المدن الصناعية المهمة وطنيا آنذاك. بعد الاستقلال، ولأسباب عدة، من بين أهمها تركز الاهتمام على مدن المركز. فقدت تطوان ريادتها، وتراجعت مكانتها الاقتصادية، كما ساهم موقعها كمدينة حدودية في تكيف المدينة مع وضعها الجديد لتتحول من مدينة صناعية إلى مدينة تجارية بامتياز…لكن الطابع الذي طغى على القطاع التجاري في المدينة هو كونه نتاجا لمجهودات فردية غير مؤطرة بأية رؤية أو برنامج من طرف المؤسسات، حيث تحولت المدينة إلى معبر أو وسيط بين سبتة المحتلة وباقي مدن المغرب وعاشت ازدهارا مزيفا. زيف هذا الازدهار مرده إلى كون القطاع التجاري كان غير مهيكل ويعتمد على المنفذ الحدودي أولا وأخيرا.
بعد سقوط وهم الازدهار المؤقت، الناتج عن تغير الموازين التجارية، حيث تحول النشاط التجاري إلى مجرد تهريب معيشي، وصولا إلى إقفال معبر باب سبتة. استفاقت المدينة على حقيقة عدم وجود أية بنية اقتصادية حقيقية. وتمكنت طنجة من التحول إلى القطب الصناعي الأوحد للجهة. وفي ظل صعوبة بناء قطب صناعي ينافس طنجة، وفي غياب أي بديل كان الرهان الأمثل هو القطاع السياحي نظرا للمؤهلات السياحية الكبيرة للمدينة والاقليم، ولسمعة المدينة كوجهة سياحية من بين الأهم وطنيا على صعيد السياحة الداخلية…لهذا كان شعار”تطوان مدينة سياحية” وكان الرهان على القطاع السياحي. لكن، ما هي المقاربة التي تم تبنيها لتحقيق هذا الهدف؟. وما هي الرؤية والاستراتيجية التي انتهجت لتنزيل هذا الشعار؟. هنا مربط الفرس، ومكمن العلة.
-1- أية سياحة نريد :
بالحديث عن هدف جعل المدينة قبلة سياحية، والرهان على السياحة كرافد أساسي لتنمية المدينة والاقليم. يتبين أنه لا توجد أية مقاربة محددة لتنفيذ هذا الهدف سواء من حيث نمط السياحة المقصود، أو نوعية السياح المراد استقطابهم، أو حتى السوق السياحي المستهدف. كما يلاحظ كذلك عدم وجود دراسات مسبقة تحدد نقاط قوة وضعف المدينة “من حيث المؤهلات السياحية، البنيات التحتية الضرورية لنجاح القطاع، والموارد البشرية اللازمة ومدى تكوينها ومطابقتها لحاجيات السوق السياحي” والتي على أساسها يتم بناء تصور محدد للمنتوج السياحي المراد تسويقه. مما جعل شعار “تطوان مدينة سياحية” أقرب إلى بروباغندا منه إلى خطة أو استراتيجية حقيقية لتنمية المدينة والاقليم.
(يتبع)