من مميزات مكتبة أكورا بتطوان لصاحبها عبد العزيز السباعي أنها ليست فضاء لبيع الكتب فحسب. هذا جانب ميركانتيلي مشروع، لكن ثمة جانب آخر متسامي، ويتعلق الأمر بجعل هذا الفضاء جسرا للقاءات مع الكتاب والمبدعين والفنانين والمثقفين، وهو أمر يحيي الروح الثقافية الحلوة، ويجسد الدور الحقيقي والفعال للمكتبة.
في اللقاء الأخير مع الكاتبة آمال بشيري بمكتبة أكورا استمتعنا حقا بالتقديم المميز لرشيد الأشقر لروايات الكاتبة كما هو حال روايتي ” آخر الكلام” و” خفافيش بيكاسو” التي كانت محور هذا اللقاء، والذي اعتبر أن الكاتبة ترتكز في نصوصها على التناص والتجريب و تتوافر على رؤيا للعالم حيث تبتعد في كتاباتها عن الأدلجة، وخطوط الرواية التقليدية مسلطا الضوء على رواية ” خفافيش بيكاسو” التي تدور قصتها في كوبا و عن حلم الشخصية الرئيسية ألفارو باعتباره فنانا بسيطا بالالتقاء ببيكاسو المتعالي دون الوصول إلى ذلك الهدف. كما تميز هذا اللقاء بالقراءة النقدية لمزوار الإدريسي لرواية” خفافيش بيكاسو” حيث اعتمد على لغة واصفة بالاستناد إلى مصطلحات جيل دولوز في القراءة كمثل آلة الحرب، أو المقاومة، وتفكيك البنية العامة للرواية بعيدا عن الإطار الأكاديمي الممل.
لقد كان هذا اللقاء مميزا حيث لم نلاحظ بتاتا أنانية الكاتبة أو غرورها، أو استعراضها للأنا كما نلاحظ عند كتاب وكاتبات آخرين، إذ، عندما أعطيت لها الكلمة فتحت الحوار مباشرة مع الحاضرين الذين طرحوا قضايا عامة وخاصة عن الكتابة الروائية اليوم و عن تحولها من كتابة الشعر إلى الرواية وغيرها، وعندما سألتها عن استعمالات التناص في روايتها “آخر الكلام” ومدى ارتباطها برواية ” ذاكرة غانياتي الحزينات ” لغابرييل غارسيا ماركيز أجابت بأنها لم تستدعي التناص، وإنما حاولت استعمال لغة احتجاجية تقوم على تخريب رواية غابرييل غارسيا ماركيز من الداخل.
بقيت الإشارة في الختام إلى أن الكاتبة صرحت بخصوص روايتها ” آخر الكلام” المترجمة إلى اللغة الإسبانية أنها طلبت من غابرييل غارسيا ماركيز في رسالة وجهتها له أن يكتب مقدمة لروايتها، إلا أن هذا الروائي اعتذر حيث اتصلت بها سكرتيره وقالت لها إن غابرييل لايكتب مقدمات للروايات.
صفوة القول إن هذا اللقاء كان مميزا جالبا للمعرفة والمتعة بعيدا عن أي سلطة ثقافية أو غطرسة روائيين.