افتتحت رسميا، مساء الأربعاء بطنجة، فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمنتدى “ميدايز” المنظمة تحت شعار “من أزمة إلى أزمة : نحو نظام عالمي جديد؟”، بحضور رئيس جمهورية ليبيريا، الدكتور جورج ويا كضيف شرف.
وتشكل هذه الدورة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، فرصة لمناقشة القضايا الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية الرئيسية التي تهز الكرة الأرضية، من قبيل الحرب بأوكرانيا، والنزاعات وعدم الاستقرار في أفريقيا، والتوترات في المحيطين الهندي والهادئ، وأزمات الغذاء والطاقة، والتضخم، و تغير المناخ …
بعد سنتين من التوقف، بسبب القيود الصحية، يشكل منتدى “ميدايز” الدولي موعدا مرة أخرى لأكثر من 230 متدخلا متميزا من 80 دولة، بالإضافة إلى الخبراء والمراقبين والمهتمين والباحثين في مجال العلاقات الدولية، ليصل عدد المشاركين المتوقع إجمالا إلى 5000 شخصا.
في كلمة بالمناسبة، أبرز رئيس معهد معهد “أماديوس” ومؤسس منتدى “ميدايز”، إبراهيم الفاسي الفهري، أن “ميدايز هو قبل كل شيء منتدى الجنوب، منتدى الأفارقة ومن أجل الأفارقة”.
وسجل بأنه “انطلاقا من هذا المنظور يجب أن ننظر للعالم القادم”، مذكرا بأنه منذ الدورة الأخيرة للمنتدى، قبل سنتين، “هزت أزمة صحية، ضاعفت من قوتها صدمة اقتصادية، عددا من اقتصادات العالم”، في وقت تشل فيها الحرب بأوكرانيا “مؤسسات السلام والأمن متعددة الأطراف، وتقوض المبادلات العالمية بالنسبة للمواد الخام”.
في هذا السياق، اعتبر السيد الفاسي الفهري أن البلدان الإفريقية هي في حاجة، أكثر من غيرها، إلى ضمانات المجتمع الدولي، مضيفا “نحن الدول التي تقف في خط المواجهة مع قضايا المناخ، ويتعين علينا وضع هذه الإشكالية في صلب المناقشات المرتقبة ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب) الني ستنعقد بشرم الشيخ”.
بهذا الخصوص، تابع بأن البلدان الإفريقية، وكذلك المغرب بفضل الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، اختارت التحرك بمسؤولية، ومد اليد إلى الأشقاء بالقارة الإفريقية من أجل بناء اتحاد إفريقي أكثر قوة”.
وسجل بأن “المغرب يلعب دوره كاملا في هذه الدينامية، ومنتدى ميدايز طالما أراد المساهمة في هذا الزخم والدفع به من خلال مساهماته”.
في السياق ذاته، أكد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، أن “التعاون بين البلدان الإفريقية أمر أساسي، بل هو أكثر إلحاحا اليوم في ظل الظرفية الاقتصادية العالمية التي نمر بها”.
وقال “غني عن القول أنه إذا كان هناك من سبيل لتسريع إقلاع القارة الإفريقية، فهو الاستثمار والاستعمال المشترك. ومن يقول الاستثمار، يقول أولا مناخ أعمال موات ، خاصة في ظل الظرفية العالمية المتسمة بعدم اليقين”.
وأضاف السيد لعلج أن “تحسين مناخ الأعمال بالقارة وتسهيل الولوج إلى التمويل صارا من بين الأمور الأساسية أكثر من أي وقت مضى”.
من جهته، اعتبر رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، عمر مورو، أن اختيار شعار “من أزمات إلى أخرى : نحو نظام عالمي جديد؟” لهذه الدورة من منتدى ميدايز، الذي اعتاد على طرح الإشكالات والأسئلة الكبرى التي تشغل اهتمام صناع القرار في الجنوب وبصفة خاصة، القارة الإفريقية، والعالم العربي، يعكس وعيا عميقا بدقة المرحلة وبحجم الصدمات، وبثقل المسؤولية، الملقاة على عاتقنا جميعا.
وذكر بأن التحديات التي تواجهها القارة الإفريقية، ودول الجنوب عامة، في سياق بالغ التعقيد سواء بفعل الصراعات والتوترات أو الأزمات الاقتصادية أو التحولات الجيوستراتيجية أو التغيرات المناخية، “تفرض علينا اليوم قبل الغد، التحلي بالشجاعة وبالإرادة القوية، للقيام باستثمارات ذكية ونوعية (..) تكون لها آثار إيجابية على الأجيال القادمة”، متوقفا بشكل خاص عند أزمة ندرة المياه بسبب التغيرات المناخية والاستنزاف المفرط، والتي قد تزيد من أزمة الغذاء وقعا بمعظم الدول الإفريقية إذا لم يتم التحرك جماعيا لإيجاد حلول مبتكرة وقابلة للتنفيذ وبدائل مستدامة للحفاظ على الثورات المائية وضمان التزود بها.
في هذا السياق، أشار إلى أن المغرب، بفضل القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس جعل من هذه المادة الحيوية أولوية قصوى في السياسات العمومية للسنوات المقبلة نظرا لارتباطها الكبير بالأمن الغذائي وبالنمو وبالتنمية وبالرفاهية المجتمعية وبتقليص الفوارق المجالية وبترشيد الطاقة.