بحث سبل التعاون والارتقاء بالتكوين الاكاديمي والعلمي لمهنيي العدالة محور ندوة وطنية بتطوان
و.م.ع
جرى بحث سبل التعاون والارتقاء بالتكوين الاكاديمي والجامعي لمهنيي العدالة، وكذا تعزيز العلاقة بين النيابة العامة والجامعات المغربية، اليوم الجمعة بتطوان، خلال ندوة وطنية منظمة بتعاون بين جامعة عبد المالك السعدي ورئاسة النيابة العامة.
وتتوخى هذه الندوة الأكاديمية بحث سبل توفير الظروف الملائمة للرفع من جودة منظومة القضاء والعدالة، تماشيا مع الأسس والمنطلقات التي وضعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لإرساء مقومات منظومة فعالة للعدالة بالمغرب.
كما يهدف هذا اللقاء، الذي تميز بحضور الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، وعامل إقليم تطوان، يونس التازي، وعامل عمالة المضيق الفنيدق، ياسين جاري، وعامل إقليم شفشاون، محمد علمي ودان، ورئيس جامعة عبد المالك السعدي، بوشتى المومني، ومسؤولين قضائيين وعدد من الفعاليات، ببحث أوجه التعاون بين الجامعة المغربية ورئاسة النيابة لتحقيق الأهداف السامية للعدالة، بغية وضع مقاربة جديدة للعمل المشترك في مجال التكوين.
وتسعى الجامعة من تنظيم هذا الموعد العلمي إلى توفير الموارد البشرية والأطر ذات الكفاءة العالية من خلال الاستماع للحاجيات المتجددة لمختلف المؤسسات القضائية وهيئات المهن الشريكة في منظومة العدالة كهيئات المحامين والعدول والموثقين والمفوضين القضائيين ورجال الأمن والدرك والخبراء، من أجل مواكبتهم في الأدوار الجديدة التي أصبحت منوطة بهم.
في كلمة بالمناسبة، أبرز السيد الداكي أن جل المجتمعات اليوم تعتمد على ما تنتجه منظومة التعليم العالي بمختلف تخصصاتها، باعتبارها أساسا للتطور والنمو الفكري والعلمي، وهذا ما تعمل مختلف الدول على تحقيقه، والمغرب لا يخرج عن هذه القاعدة، وهو الأمر الذي تترجمه الإصلاحات الجوهرية التي طرأت على مناهج التعليم العالي منذ الاستقلال إلى اليوم.
وتابع أن التعليم الجامعي كان ولا يزال يشكل ركنا أساسيا في تعزيز بناء مقومات المؤسسات تكوينا وإعدادا للأطر، وولوج مجتمع المعرفة بكل تحدياته، كما هو بكل تأكيد مساهم محوري في قاطرة تحقيق التنمية، مضيفا أن أهمية انفتاح الجامعة على محيطها تتجلى في مدى ارتباط التعليم الجامعي بحياة المواطنين ومشاكلهم، وحاجاتهم وتطلعاتهم، دون إغفال أهمية دورها في بناء القدرات والمهارات، وتجويد عطاءات المتخرجين منها ومدى قدرتهم على إحداث نقلة نوعية في الرفع من مؤشرات التنمية البشرية والتقدم العلمي والتكنولوجي.
وقال السيد الداكي إن الممارسة العملية كانت ومازالت تعتبر هما يوميا يراود كل مهني، ويجعله ينغمس في البحث عن إيجاد حلول للقضايا التي ولي أمر القيام بها بحسب كل مهنة من المهن القانونية، مبرزا في هذا السياق دور الجامعة في ترسيخ معاني الحق والقانون ودورها الأساسي في تكوين أجيال من منتسبي المهن القانونية والقضائية، من قضاة ومحامين وضباط الشرطة القضائية وعدول وموثقين ومفوضين قضائيين وخبراء قضائيين وتراجمة وغيرهم،.
وشدد على أن الجامعة كانت ولا تزال فضاء لإنتاج النخب والكفاءات وفضاء للتجديد والإبتكار، ومصدرا للتكوين المستمر لمختلف منتسبي المهن القانونية والقضائية، سواء بصفة مباشرة عبر الانخراط في البحث الأكاديمي، أو بطريقة غير مباشرة من خلال الأبحاث العلمية التي يتم انتاجها.
واعتبر أن دور الجامعة في تكوين وإعداد منتسبي المهن القانونية والقضائية يجب ألا ينحصر فقط في الجانب العلمي الأكاديمي، ذلك أن المأمول منها سيزيد في رقي عطاءاتها وتلقين طلابها مختلف فضائل التربية وتكريس القيم المثلى والأخلاق الفاضلة (…) واستكمال رسالتها السامية في ترسيخ المبادئ الأخلاقية التي تؤسس للمواطنة الحقة وللإحساس بالمسؤولية اتجاه الوطن والمواطنين.
وذكر الداكي أن دور الجامعة في تكوين منتسبي المهن القانونية والقضائية يعد إسهاما حقيقيا في تنمية أحد أهم مناحي حياة المجتمع واستمرار رقيه، وهي بذلك تلعب دورا أساسيا في بناء أفضل رأسمال بشري سوف يوكل إليه تدبير العديد من جوانب معيشه اليومي واستقرار معاملاته وضمان حقوقه وتحقيق أمنه القضائي والقانوني، فضلا عن تكريس التوازن بين الحقوق والواجبات داخل المجتمع.
وشدد المسؤول القضائي على أن هذه الندوة تشكل بداية العمل المشترك والتعاون بين رئاسة النيابة العامة والجامعة، معربا عن تطلع رئاسة النيابة العامة إلى تعميق هذه العلاقات أكثر وتوسيع مجالها مع جامعات أخرى على أمل تحقيق الغايات المذكورة خدمة للعدالة بالمغرب وتكريسا لدور الجامعة في ذلك.
من جانبه أكد رئيس جامعة عبد المالك السعدي بوشتى المومني أن تطور العرض البيداغوجي ومجالات البحث العلمي المتعلقة بالعلوم القانونية والقضائية والتخصصات ذات العلاقة، بما يواكب السياسة الجنائية بالمغرب، يعد من الأوراش الكبرى التي أطلقها المغرب من أجل تحديث ترسانته القانونية وممارسته القضائية.
واعتبر المومني أن الندوة بمثابة ورش للاستماع والتنسيق على مستوى المضامين التي ينبغي الاهتمام بها داخل مختلف مسالك التكوين الأساسي والمهني، داعيا كل المؤسسات القضائية لتقديم الخبرة الميدانية، من خلال التنظيم المشترك لورشات ومحاكات للممارسات القضائية داخل الفضاءات الجامعية، وكذا المساهمة في تدريس بعض المواد ذات الطبيعة التطبيقية، واستقبال الباحثين من أساتذة وطلبة داخل المحاكم ومختلف الهيئات القضائية في إطار تداريب عملية تجمع بين العمق النظري والواقع العملي.
يشار إلى أن الندوة عرفت تنظيم ورشات وجلسات علمية حول “مساهمة الممارسات القضائية العلمية في برامج التكوين” و “الاكتشافات العلمية الحديثة ودورها في تنوير العدالة وإظهار الحقيقة من أجل ضمان شروط المحاكمة العادلة : الخبرة الجينية كنموذج” و”دور الجامعة في تجويد وتحديث أداء أجهزة نفاذ القانون” و “دور الجامعة في تأهيل مهنة التوثيق” و ” وانفتاح الجامعة على الوسط المهني ودورها في تكوين الأطر” و “حجية الخبرة الجينية في إثبات النسب” والتي أطرها قضاة وخبراء وأكادميون ومختصون.