تجربة أداء وتوزيع زكاة عيد الفطر في روسيا فريدة وناجعة تستحق أن تروى…
هالة أنفو/بقلم عبد العزيز حيون
في روسيا ،لا تقدم زكاة عيد الفطر بالتساوي بين كل المسلمين ،فقد أبدع مسلمو البلاد طريقة مثيرة للاهتمام تحولت مع تراكم الخبرة الى تجربة تستحق أن تروى لتعميم الفائدة ،وهنا الحديث يدور حول زكاة عيد الفطر وليس عن زكاة المال .
فقد قرر قبل أزيد من عشر سنوات مسلمو روسيا ، التي يدين غالب سكانها بالديانة المسحية الأورثودوكسية ويشكل فيها المسلمون نسبة تقارب 12 في المائة يتواجدون خاصة في سبعة أقاليم إنغوشيا والشيشان وداغستان و قبردينو بلقاريا وقره شاي شركيسيا و بشكيريا وتتارستان وأيضا بنسب مهمة في العاصمة موسكو وسان بطرسبرغ و إيكاترينبرغ المتاخمة لسيبيريا ، (قرر) أن يختلف نصاب ومقدار زكاة عيد الفطر وقيمتها من شخص لآخر حسب وضعه الاجتماعي ومكانته الاقتصادية وقدرته المالية ،وتختلف بذلك قيمتها بين الفقراء والأثرياء وذوي الدخل المحدود، ويحق لأي فرد دفع المزيد إذا رغب ذلك،ويتجاوز الفرق بين الحد الأدنى والحد الأقصى نحو 1000 في المائة .
ولهذا الغرض أنشأت العديد من الأقاليم الإسلامية في روسيا ، التي يزداد بها عدد المسلمين باضطراد لسببين أولهما ارتفاع معدل المواليد بين المسلمين والثاني توافد عدد كبير من مسلمي آسيا الوسطى للعيش في روسيا ، (أنشأت) صناديق الزكاة وهيئات خاصة لتدبير هذا الأمر تحت إشراف المجالس العلمية والدينية وخبراء تم تكوينهم لتوزيع الزكاة وفق الشريعة الإسلامية والحاجيات المجتمعية والمشاريع الاجتماعية ذات الأولوية ،التي يتم تمويلها من طرف الصناديق المعنية .
وتمنح عائدات الزكاة ، التي تعد واسطة عقد الدين و واجبة على المسلمين بنص الكتاب والسنة ، لرعاية الأيتام والأرامل بالدرجة الأولى وطلبة العلم الذين يحتاجون لدعم مالي، ولتعزيز بنيات المستشفيات وتقديم الدعم لذوي الهمم واقتناء التجهيزات الطبية ومساعدة المرضى في التطبيب والرعاية ما بعد التطبيب ،كما تقدم الزكاة لما يعرف ب”الغارمين”،وهم المدينون العاجزون عن الوفاء بالديون المترتبة عليهم لمساعدتهم على السداد وحتى لا يخضعوا للعقوبات الزجرية .
وأفتى القيمون على الشأن الديني في روسيا فرض اختلاف مقدار الزكاة حسب مدخول الشخص وتحيين مصاريف الزكاة لمسايرة الواقع المعاش حتى تنتج هذه الشعيرة أثرها المنشود وتنعكس على حياة المحتاجين وتواكب بذلك التحول الجذري في طبيعة الثروة وقسمة الحصص المستحقة على المسلمين المعنيين على ذلك الأساس.
وفي السياق ذاته ،تم في روسيا قبل أكثر من عقد من الزمن إطلاق تطبيق يمكن المسلمين أينما وجدوا من تقديم الزكاة أو الصدقات خلال شهر رمضان ،تحت إشراف مؤسسة “صندوق الزكاة” الخيرية التابعة للادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية ،وقد كان التجاوب الكبير مع هذه المبادرة الخلاقة خلال جائحة “كورونا” لفرض احترام إجراءات الحجر الصحى.
ويتم إرسال الزكاة إلكترونيا ومركزيا إلى المساجد والمؤسسات الخيرية وإعادة توزيعها على المحتاجين في جميع مناطق روسيا ، وينزل هذا التطبيق على الهواتف الذكية و يسهل على المجتمع المسلم دفع الزكاة والصدقات خلال الشهر الكريم وباقي شهور السنة .
وبواسطة هذا التطبيق وعبر الصندوق الروسي الإسلامي “الزكاة” يكون بإمكان المسلمين الروس ،حتى الذين يتواجدون خارج البلاد من تقديم التبرعات المالية ،كما بإمكان المستخدمين للتطبيق من الحصول علي تحديثات تخص كيفية صرف المال المتوفر ومساهمته في العمل الخيري.
كما يخصص المتحصل من الزكاة لتمويل الوجبات المنتظمة المقدمة في مساجد روسيا ، التي يتجاوز عددها 7000 مسجد ،ومساعدة الفقراء والمحتاجين المسلمين وللعاملين عليها .
وتبقى تجربة مسلمي روسيا في تحصيل وتوزيع المستخلص من الزكاة ،التي أمرها عظيم وفائدتها كبيرة وتحقق المواساة بين المسلمين ويقضى بها الدين و تساهم في توزيع الثروات بشكل عادل وتطهر النفوس من البخل وحب المال ، مفيدة وناجعة وفعالة .