مركز الأشخاص في وضعية إعاقة بواد لاو، نموذج حقيقي للإدماج السوسيو-تربوي

و.م.ع

يعتبر مركز الأشخاص في وضعية إعاقة واد لاو، التابع لإقليم تطوان، الذي رأى النور بفضل تضافر جهود عدة شركاء من بينهم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نموذجا حقيقيا للبنيات السوسيو-تربوية الدامجة.

وتعكس هذه المؤسسة الاجتماعية، المنجزة في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الفلسفة الفعلية للورش الملكي، الذي يضع في صلب أولوياته قضايا الإعاقة وسبل إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة التعليمية والتربوية.

ويهدف المركز، الذي شيد بحي “الشوابل” وسط مدينة واد لو الساحلية، إلى حماية وتأهيل الأشخاص في وضعية إعاقة والذين يعانون من الهشاشة، لاسيما المنحدرين من الجماعات القروية البعيدة عن مدينة تطوان، من خلال تقوية قدراتهم لتمكينهم من الاندماج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

بالإضافة إلى توسيع قاعدة الاهتمام بقضايا الإعاقة، يعمل هذا المركز الاجتماعي المرجعي على استقبال والتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة ، وتخفيف معاناة أسر ذوي الاحتياجات الخاصة، وتدارك الخصاص في البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، ومحاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، من أجل تنمية بشرية متوازنة، مستدامة وشاملة.

وتضم هذه المنشأة السوسيو تربوية، التي جرى افتتاحها بشكل رسمي يوم 18 ماي الجاري تزامنا مع تخليد الذكرى 18 لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتتولى تسييرها جمعية بسمة للأشخاص في وضعية إعاقة، ثلاثة طوابق تحتوي على مرافق إدارية وخدماتية، ومسبح ومسرح وقاعات للدراسة وفضاء متعدد التخصصات والموسيقى والإعلاميات، إلى جانب مرافق علاجية وتقويمية، تتمثل في قاعات للعلاج الأخصائي النفسي والترويض الطبي والتمريض والعلاج الحسي الحركي وتقويم النطق، وغرفة متعددة الحواس، توجد ثلاث مثيلات لها بتطوان والرباط فقط.

وأبرزت مديرة مركز الأشخاص في وضعية إعاقة بواد لاو، نزهة الغول، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ولقناتها الإخبارية M24، أن هذه المؤسسة تستقبل 120 شخصا في وضعية إعاقة جسدية وذهنية أو أشخاص مصابين بأمراض التوحد والثلث الصبغي 21 أو التأخر العقلي، لافتة إلى أن المركز يقدم عدة خدمات في مجالات اجتماعية وتربوية، خاصة ما يتعلق بالتمدرس والقراءة والتربية النفسية والسلوكية والرياضة وتقويم النطق، إضافة الى الإرشاد الأسري ومواكبة إعداد المشاريع بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة.

وقالت مديرة المركز إن “جمعية بسمة للأشخاص في وضعية إعاقة بواد لاو، قبل ترافعها على إنشاء هذا المركز، قامت سنة 2020 ببحث ميداني بباشوية واد لاو، أسفر عن إحصاء مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من مختلف أنواع الإعاقة، ما دفعنا إلى طرق أبواب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة تطوان، من أجل إخراج هذه المنشأة الاجتماعية لساكنة المدينة والنواحي”.

وأضافت أن المركز افتتح خلال الموسم الدراسي الجاري، ب 120 مستفيدة ومستفيدا، منهم 67 متمدرسا داخل المركز، موزعين على مختلف المستويات التكوينية تبعا لنوع إعاقتهم وتحت إشراف طاقم تربوي متخصص في المجال، فيما يتابع 20 آخرون دراستهم بالمؤسسات التعليمية النظامية، وتتكفل الجمعية بمواكبتهم وتأطيرهم.

وشددت المتحدثة على أن المركز منفتح على محيطه بشكل كبير، حيث أنه لا يكتفي باستقبال وتقديم خدماته للأشخاص في وضعية إعاقة بجماعة واد لاو فقط، بل تشمل خدماته مستفيدين من خارج الجماعة، مثل جماعة بني سعيد وزاوية سيدي قاسم، بل منهم من ينتمون لجماعات خارج الإقليم كجماعة تاسيفت وتيزكان التابعتين لإقليم شفشاون، واللتين لا تبعدان إلا بكيلومترات قليلة.

من جانبها ، أكدت المكلفة بمصلحة مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة بالقسم الاجتماعي لعمالة إقليم تطوان، مريم المسعودي، أن مركز الأشخاص في وضعية إعاقة بواد لاو، الذي شيد على مساحة 1200 متر مربع، يندرج ضمن مشاريع المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لاسيما محور مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، مبرزة أن المركز تطلب ميزانية بلغت حوالي 6 ملايين درهم للبناء، وأكثر من 3 ملايين درهم للتجهيز.

وأضافت المسعودي أن هذا الصرح السوسيو-تربوي، الذي تطلب إنجازه أقل من سنة، سيعمل على تقديم خدمات تربوية واجتماعية لفائدة أبناء العالم القروي بمنطقة واد لاو، وتبلغ طاقته الاستيعابية حوالي 400 مستفيدة ومستفيد، معتبرة أن المركز “يعد مثالا حيا على بعد القرب، الذي تدعو إليه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، انطلاقا من نهجها المتمثل في الإنصات الدائم للمواطنين، والاستعداد لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم، مع الاعتماد على تحليل ميداني دقيق للواقع، ومراعاة خصوصيات كل منطقة.