فيلم “صالون هدى”: ازدواجية الظلم والتسلط

هالة أنفو: يوسف خليل السباعي

يستدعي فيلم ” صالون هدى” للمخرج هاني أبو أسعد، الذي عرض مساء اليوم بسينما أبنيدا في الدورة الحالية لمهرجان تطوان السينمائي، العديد من الأسئلة عن الواقع الفلسطيني من منظور فني وإيديولوجي. فمن الناحية الفنية، يمكن القول إن المخرج له كامل الحرية في أن يصنع فيلمه وفق رؤيته الخاصة للواقع الفلسطيني بأسلوبه الفني حيث يغدو هذا الواقع شكلا مسؤولا، بمعنى أنه لايحاكي الواقع، وإنما يلمح إليه من خلال: الصالون ( الابتزاز والتهديد والتصوير لأجساد النساء العارية من أجل جعلهن يتحولن إلى عميلات للمخابرات الإسرائيلية، فلم تعد وظيفة الصالون تجميلية، بل وظيفية تخدم الاحتلال وذلك بعد أن حدث ذات الشيء لهدى). البيت ( الزوج ” يوسف” والزوجة ” ريم” والطفلة، حيث تغدو العلاقة بين الطرفين مأزومة يتخللها الغضب، واللاتفاهم… إلا أنه يغدو محطة مطاردة من طرف رجال ” المقاومة” ل” ريم” بعد حجز “هدى” في القبو والتحقيق معها للكشف عن أسماء العميلات من خلال صور النساء العاريات). القبو( وهو مكان مظلم إلا من إضاءة قنديل كبير، وقد أجاد المخرج في اختيار هذا المكان ليكشف عن اختلالات وارتباكات نفسانية في شخصيتي المحقق وصاحبة الصالون، ويظهر تناقضاتهما وقوتهما وضعفهما حيث يستعمل المحقق- المقاوم كل الوسائل لجعل صاحبة الصالون تكشف عن أسماء العميلات، مع أنها تؤكد أنها هي من فعلت بهن كل ذلك لينتهي بها المطاف إلى طلقة من مسدس مقاوم.
إن إيديولوجية فيلم ” صالون هدى” في فكرته السائدة: لن يفلت من العقاب كل من يخون بلده، وأن البراءة ينبغي أن تظل مقدسة، ولن يغسل العار إلا الدم: فقتل هدى هو تصفية لعميلة، ولكنه أيضا كشف عن حقيقة مؤلمة: ازدواجية الظلم والتسلط.
إذا كان الفيلم قد أثار ضجة، فإنه، مع ذلك، مبني على أحداث واقعية، لكن الفيلم هو أكبر من أي أحداث: إنه عمل فني يثير غضبا ما، لكنه يجعله مندمغا بماء الفن الذي يجرف ونار السينما التي تحرق.